28 ايار 2019                                

مشروع قانون الموازنة يقضي بفرض رسم بنسبة 2% على جميع السلع المستوردة (باستثناء الأدوية والسيّارات الكهربائية والهجينة والمواد الأولية والآلات المستخدمة في الإنتاج). تقوم الحكومة بتسويق هذا الإجراء على أنه لحماية الإنتاج المحلّي لكنه في الجوهر مجرد رفع لضريبة القيمة لتصبح عمليا 12%.

جمعية المستهلك، المعنية الاولى بتمثيل المستهلكين وفق قانون حماية المستهلك رقم 659، لم تستشر بهذا الاجراء. كذلك لم تدعو الحكومة المجلس الوطني لحماية المستهلك الذي يضم تسع وزارات اضافة لممثلي المستهلك والصناعيين والاتحاد العمالي العام. القوانين والمؤسسات في بلاد العشائر والطوائف والعائلات الحاكمة هي للزينة فقط. لذلك تتقدم جمعية المستهلك، عبر الاعلام، شريك الجمعية الاساسي، بالإضاءة على رسم الاستيراد داعية المجلس النيابي إلى رفضه وسحبه من الموازنة.

أولا الحقيقة ان الحكومات المتعاقبة تحمّل المستهلكين، والفقراء منهم بشكل خاص، عبئ سياساتها المستمرة منذ ربع قرن، في الوقت الذي نجحت الشركات الكبرى دائما بالتهرب من دفع الضرائب. الموازنة الحالية لا تمتلك أية رؤيا اقتصادية جديدة بل هي تريد ارضاء مؤتمر سيدر للمانحين عبر تدفيع المستهلكين الثمن الاساسي، اسوة بالهندسات المالية التي عمقت الازمة بشكل كبير (تضخم وارتفاع أسعار. هدر اموال الشعب اللبناني وتعزيز الفساد. اما رفع الفوائد فقد أدى إلى شلل الاقتصاد).

ثانيا ان رسم الاستيراد 2% هو رقم أسمي يضاف إلى الضريبة المضافة، لم يوجد ولن يوجد من يراقب انعكاساته الحقيقية على الاسواق خاصة للسلع الاستهلاكية الصغيرة السعر. كيف ستنعكس ال2% على عشرات الاف السلع التي يستهلك معظمها فقراء الناس؟ هل سيبيع التاجر كيس البطاطا بسعره الحالي 500 ل.ل ب510 ل.ل ام سيذهب فورا إلى 600 ل.ل في احسن الاحوال؟ الجواب يعرفه كل اللبنانيين.

ثالثا تشير كل الارقام منذ ربع قرن ان الحكومة غير معنية بحماية وتطوير الصناعات او القطاعات الانتاجية التي يتراجع حجمها سنويا. بل هي تحمي المصارف والشركات التجارية الكبرى فقط. ان تجربة الجمعية مع الوكالات الحصرية والدواء والخبز والمازوت تؤكد انه كل مرة تحدثت فيها الدولة عن حماية سلعة تحول الامر وبالا على المستهلكين.

في الوكالات الحصرية: لبنان هو الدولة الوحيدة في العالم التي لا زالت تحمي الوكالات الحصرية واحتكارها منعا للمنافسة ولتخفيض ارباح الوكلاء. لقد أكد البنك الدولي مرارا ان الاحتكار الذي يطال كل القطاعات الاقتصادية جعل لبنان أغلى دولة في هذا الشرق. وفي الاخير المستهلك هو من يدفع الثمن.

في الخبز: ناضلت الجمعية طيلة عشرين عام، بدون نتيجة، من أجل تعزيز المنافسة والغاء الحماية على الرغيف الذي ادى إلى تحقيق ارباح خيالية للأفران والمطاحن. وفي الاخير المستهلك هو من يدفع الثمن.

في الدواء: أضافة لكل الاعيب الدواء المستمرة تم “اختراع” الحماية الوطنية لمصانع الدواء في لبنان الذي ادى في أكثر الحالات إلى تجاوز أسعار الدواء الوطني أسعار بلد المنشئ! وفي الاخير المستهلك هو من يدفع الثمن.

نجدد الدعوة إلى المجلس النيابي وممثلي الشعب فيه؟ إلى تغيير جدي في الميزانية عبر الغاء رسم 2% وتخصيص استثمارات جدية في القطاعات المنتجة يتم تحصيلها من الضرائب المهربة ومن الاملاك البحرية والنهرية والمشاعات وعبر استرداد الاموال المسروقة بالنفوذ السياسي الذي نهب الشعب اللبناني منذ عقود.

جمعية المستهلك دعمت ووقفت دائما إلى جانب القطاعات الانتاجية، والصناعية والزراعية بشكل خاص، وهي تؤيد حمايتها والاستثمار فيها بشكل كبير وفعال لكنها لا ترى في رسم 2% أي حماية او دعم بل مجرد لعبة هدفها جمع واردات أكبر لن يستثمر منها شيء في هذه القطاعات. والجمعية تؤكد ان كل هذه الواردات الجديدة ستدخل مغارة علي بابا حيث تنتظرها العائلات الحاكمة، حارسة الفساد، وهي تبتسم. محاربة الفساد تمر عبر ميزانية جديدة عادلة تقتطع الارباح ممن يحقق الارباح الخيالية وليس من فقراء هذا البلد الحزين.

 

 

 

 

جمعية المستهلك – لبنان، شارع منيمنة -الحمراء- لبنان. علم وخبر رقم 104/ أ.

تلفون: 017506500 بريد الكتروني consumerslebanon@gmail.com

لا تعليق

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *