لقاء الحراك الشعبي للإنقاذ 11/6/2019

يشكل مشروع الموازنة 2019 استمرارا للنهج الاقتصادي السائد منذ 28 عاما: سيطرة حلف القطاع المصرفي المالي والتجار مع العائلات السياسية-الطائفية الحاكمة على معظم مفاصل الاقتصاد وعلى كافة مؤسسات الدولة. لقد اثبتت التجارب ان هذا الحلف يعزز سنويا قبضته وامساكه بمفاصل البلاد وان “تنازلاته المؤلمة” تسير دائما في اتجاه واحد: الفئات الفقيرة والمتوسطة. تسارع السلطة دائما إلى مراكمة الضرائب والرسوم على الاستهلاك بينما لا تشكل الضرائب على الارباح أكثر من 5% من مجموع الضرائب. التهرب الضريبي يسير إلى جانب تأجيل كل ما يتعلق بالضريبة على الإملاك العامة التي تم الاستيلاء عليها او الحد من الامتيازات او الحد من الفساد بالرغم من ان جميع أطراف السلطة تتبارى في الحديث عن محاربة الفساد. مشروع الميزانية يحمل المستهلكين كل أعباء الازمة تقريبا. وهذا نهج غير عادل على الاطلاق. اما رسوم 2% المقترحة على الاستيراد فهي أسوء بكثير من زيادة ال2% على الضريبة المضافة لأسباب عملانية كثيرة.

أما مسألة حماية الصناعة الوطنية فهذا هدف كاذب غير موجود في سياسة جماعة حكومات “الوحدة الوطنية” وسيكون من الخطير ان تنخدع جمعية الصناعيين بهذا النوع من الادعاءات. الانحدار في حجم الصناعة والزراعة والقطاعات الانتاجية الاخرى مستمر منذ نهاية الحرب الاهلية ورسوم 2% لن تستخدم من اجل دعم هذه القطاعات او للتنمية بل ستذهب لتسديد الفوائد على الدين العام ولإرضاء ممولي مؤتمر سيدرز وتأمين تمويل مشاريع الفساد التي تنتظر خلف الابواب.

لكن كل ذلك يبقى مجرد تفصيل. الاهم هو ان الحراك المدني في لبنان ينتقل، منذ انطلاق الحركات الاحتجاجية في العالم العربي، من محاولة إلى محاولة. وفي حركته تلك فهو يركض  عمليا من مأزق إلى مأزق. الان نحن نحاول ان نرد على مبادرة السلطة الموحدة في حكومة وحدة وطنية ونسعى للتقليل من الخسائر التي تفرضها السلطة على الناس. نحاول ان نرد ما استطعنا على مبادرات السلطة لتحميلنا أعباء الازمات في الوقت التي يتمتع فيها كافة اعضائها بالمال والسيطرة من خارج القوانين ومن داخل القوانين التي تفصلها على قياسها. يستنفر الاساتذة لتحسين اوضاعهم وينجح القضاة في مراكمة الامتيازات ويركض موظفي القطاع المصرفي للحفاظ على مكتسباتهم. اما متقاعدي القوى الامنية فقد تقدموا الصفوف للحفاظ على امتيازات ضباط الجيش الكبار. كذلك يتحرك رجال الدفاع المدني وموظفي الكهرباء وووو.. لتأمين دخولهم جنة الإدارة العامة الذي تتحكم العائلات الحاكمة بكافة مفاصلها. هذا ليس حراك مدني او وطني. هذا أمعان في تقسيم المجتمع وفي ازدياد التبعية لهذا النظام. وفي هذه اللعبة النظام يسبقنا دائما بعدة خطوات لأننا جميعا لا نملك الا ردة الفعل على قراراته. هو من يدير اللعبة ونحن من ينفعل ويشتم ويغضب وييأس. مثال الانتخابات النيابية فاضح. ناقشوا لسنوات قانون انتخابي جديد وخرجوا بقانون نسبي سارعت كل القوى المدنية واليسارية إلى الانخراط فيه والنتيجة؟ تجديد شرعية النظام وصفر للحراكات المدنية والشعبية. اما نقاش مشروع انتخابات جديد فقد يستلزم ربع قرن جديد او أكثر. الخلاصة نحن نركض وراء نظام متماسك وموحد يفرض علينا سياسته ونحن لا نملك الا القراءة في كتابه.

يجب مراجعة ذلك وايجاد طريق جديد خاص بالحراكات المدنية والشعبية يسبق دهاء السلطة ويعرقل مسارها. قد يحتاج الامر لصفحات طويلة للشرح لكن يمكن تلخيص الاقتراح ببعض النقاط:

  • أولا نحن نعرف عناصر قوة النظام وسياساته واهمها عمله ضمن أطار موحد هو حكومات الوحدة الوطنية التي تنبه باكرا إلى اهميتها فأستنسخ “الديمقراطية التوافقية” وحولها إلى إطار جامع يلغي أية معارضة وبالتالي هو ألغى المبدأ الاساسي للديمقراطية. حكومات الوحدة الوطنية هذه تعطل نهائيا أي إمكانية للمحاسبة او لمحاربة الفساد.
  • نظام المحاصصة القائم منذ اتفاق الطائف

لا تعليق

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *