بيروت 22/02/2022
قانون المنافسة المسخ يكرس الاحتكارات
كلا لا يشكل قانون “المنافسة” انجازا. بعد أكثر من 21 عاما من المحاولات صوتت اكثرية المجلس النيابي إلى جانب تكريس الاحتكارات الاساسية في البلاد عندما اقرت بشرعية نسبة هيمنة تصل إلى 35% على السوق. صحيح انها تراجعت نصف خطوة إلى الوراء بخصوص الوكالات الحصرية لكنها أبقت عمليا، ولمدة ثلاث سنوات اضافية، على حصرية هذه الوكالات المحتكرة.
الاهم انه عمليا لن يؤدي هذا القانون إلى أي تغيير في خريطة هيمنة الاحتكارات وكل شيء سيبقى على حاله. في أحسن الاحوال ستضطر بضعة شركات، التي تمتلك حصة تتجاوز 35%، إلى اعادة ترتيب وضعها وتأسيس شركة جديدة تحت اسم مستعار لشخص اخر (شركة الغاز مثالا) لتبقى المهيمنة على السوق.
هل يعلم كل نائب صوت إلى جانب هكذا قانون انه أرسل رسالة تشاءم كبيرة إلى اللبنانيين والى الدول والاسواق الخارجية؟ هل يعلم هذا النائب انه بذلك يقفل الابواب أمام أي تعافي للبلاد وأي تفاءل بإمكانية اصلاح هذا النظام العفن؟
طبعا نحن نعلم ان امتيازات كبيرة تقف وراء هذا التصويت سمحت لأصحابها خلال عقود ببناء محميات عائلية مالية وتجارية وسياسية وهي ستفعل كل شيء للحفاظ على هذه الامتيازات وعلى نفوذها السياسي والمالي المهيمن. تصويت اكثرية المجلس هو أيضا رسالة تستهزئ بالفقراء وبالطبقات الوسطى وكل القوى الاقتصادية المنتجة، التي بنيت على الجهد والابتكار لا على شبكة الهيمنة السياسية-التجارية-المصرفية المافيوية المسيطرة.
لماذا طالبت جمعية المستهلك بنسبة 15% للهيمنة كحد أقصى؟ لأن كل قوانين المنافسة في العالم اعتمدت نسبة هيمنة لا تتجاوز ابدا ال 15%. ولأن وجود ثلاث أشخاص يملكون كل السوق لا يسمى اقتصاد حرّ بل احتكار. ولأن الاقتصاد الحّر الحقيقي يعني منافسة حقيقية على اساس النوعية والسعر، في كل القطاعات، تؤدي إلى انخفاض الاسعار والى فتح الاقتصاد بدلا من تكبيله، وفي النهاية تؤدي إلى نمو البلاد المشلولة منذ اعتماد الاحتكارات، وتأمين مصالح وحقوق كل مواطنيه واستقرارهم المفقود.
لكن في لبنان افتى جهابذة المجلس النيابي، قلعة حماية الامتيازات، بان نسبة 35% هي نسبة مقبولة للمنافسة! (وفي لغتهم يسمونها المزاحمة). مثلا هناك ثلاث شركات استحوذت على سوق الاسمنت في لبنان وهي باعته دائما للمواطنين بمعدل مائة دولار للطن الواحد، في الوقت الذي كان سعره في البلدان المجاورة بين 20 و25 دولارا للطن. طبعا كان يمكننا ان نوفر طيلة عقود من الزمن عشرات مليارات الدولارات على الاقتصاد اللبناني وكان يمكننا ان نوفر على صحة اللبنانيين وبيئتهم الاف ضحايا السرطان. والان ما يسمى بقانون المنافسة أقر هيمنة الشركات الثلاث واعطاهم صك براءة فصار اسمهم شركات منافسة لا محتكرة! انها عبقرية لبنانية تستأهل التصفيق.
قس على ذلك احتكارات الادوية والمحروقات والغاز والحديد والدهانات والاتصالات والمواصلات وغيرها. عمليا هذا القانون المسخ لن يغير شيئا بواقع السوق الحالي. فقط سيعطي صك البراءة للمحتكرين، عاش لبنانهم!
لذلك ستبدأ جمعية المستهلك بالطلب من فخامة رئيس الجمهورية رد هذا القانون لتصحيحه والا فنحن ذاهبون إلى الطعن به أمام المجلس الدستوري. بالانتظار تطلب الجمعية، من النواب الكرام اصحاب الامتيازات الذين صوتوا إلى جانب هذا القانون المسخ، ان يعيدوا تسميته “قانون تكريس الاحتكارات”. نحن نعترف ان أصحاب الاحتكارات وداعميهم السياسيين نجحوا في وضع البلاد أمام مأزق واضح: اما مرور القانون او الطعن به. وهم سيكونون الرابحين الوحيدين في الحالتين.
بؤس هؤلاء النواب، بؤس احزاب الطوائف وبؤس الاحتكارات!
جمعية المستهلك-لبنان
لا تعليق