مؤشر أسعار الفصل الرابع 2015
لأول مرة منذ سنوات طويلة يضج الرأي العام اللبناني والاعلام بقضية الاسعار بهذا الشكل والحدة. والسبب واضح هو التناقض الفاضح بين انخفاض أسعار المحروقات عالميا وغياب انعكاس ذلك على باقي السلع والخدمات، خاصة تلك التي تستهلك الكثير من الطاقة مثل المواصلات والمولدات الكهربائية او الخبز او الصناعات الغذائية. مؤشر جمعية المستهلك للفصل الاخير يثبت ان أسعار السلع والخدمات الاساسية مستمرة في الارتفاع مما يشكل عبئا كبيرا على العائلات والفقيرة منها بشكل خاص.
يسمع الشعب اللبناني شعرا في الاقتصاد الحر منذ عقود طويلة، لكننا في الحقيقة في بلد معلّب تتحكم فيه الاحتكارات الاقتصادية-السياسية التي ترفض كل ضوابط او وضع حدود لشجعها ومنها رفضها حتى اليوم صدور قانون للمنافسة. ثلاث دول عربية يغيب عنها هذا القانون هي السودان والعراق ولبنان. وهي اكثر 3 دول فسادا في المنطقة والعالم. لدى وزير التجارة والاقتصاد سلاحا يستطيع به التأثير في السوق وضبط جشع التجار وهو القرار الرقم 196/1 الذي يحدد نسب ارباح مجموع التجار (جملة ونصف جملة ومفرق ب30%) لماذا لا يستخدمه؟ لماذا لا يجتمع المجلس الوطني لحماية المستهلك لتدارس الاسعار وشؤون وشجون المستهلكين ومعاناتهم التي لا تتوقف؟ لماذا لم تبدأ محكمة المستهلك عملها بالرغم من الاعلان الاعلامي عن ذلك قبل اكثر من سنتين؟ لماذا لم تصدر وبعد 11 سنة المراسيم التنظيمية لقانون حماية المستهلك؟ لماذا يجتمع الوزير بأصحاب الاعمال والافران والمطاحن وال… لدرس “معاناتهم” ولم يلتقي حتى الساعة ممثلي المستهلكين الشرعيين؟ قيل لنا انه لا يستطيع ان يعمل شيئا لوحده، لماذا استطاع الوزير ابو فاعور ان يقلب الدنيا ويستمر بحملته التي ادت إلى تحسين اوضاع قطاع سلامة الغذاء بشكل مقبول؟ والاهم انها ادت إلى صدور قانون لسلامة الغذاء الذي رفضت القوى السياسية والتجار صدوره طيلة عشر سنوات. لماذا كل هذا الاهمال لمصالح الناس؟ طبعا وزير التجارة والاقتصاد ليس وحده المسؤول، كل اعضاء الحكومة مسؤولين لكن كان يمكن لوزير التجارة ان يكون ممثلا للمستهلكين وللتجار وللاقتصاد كما تنص القوانين. لكن يبدو ان تضارب المصالح بين التجار والمستهلكين لم يسمح بذلك. وان المستهلكين هم ضيف ثقيل على الادارة والتجارة والسياسيين والبلد.
الناس حفظت خلال السنوات الاخيرة لعبة المطاحن والافران واصحاب المولدات والنقل الخاص (المسمى عمومي بعد اختفاء النقل العام). بدون ان ننسى المستوردين الذين يحرصون دائما على اعلام الجمهور بارتفاع أسعار اليورو والمازوت واللحوم ويفتعلون كل ما يؤدي إلى رفع الاسعار. عندها ترتفع اصوات كل هؤلاء صراخا وتسارع وزارة الاقتصاد والحكومة إلى درس “معاناتهم” فترفع الدعم وترفع الاسعار شفقة ورحمة. اما عند انخفاض أسعار القمح او النفط او اليورو وبنسب تراوحت بين 30 و70% كما حصل سنة 2015 فتختفي كل هذه الاصوات ويعمّ السلام والسعادة في كل هذه الاوساط. والناس؟ والمستهلكين خاصة فقرائهم؟ والعاطلين عن العمل؟ والنازحين السوريين؟ الا يشكلون أكثر من 93% من القاطنين على الارض اللبنانية؟ أين منهم دراسة المعاناة الحقيقية والدعم والاجراءات الاقتصادية؟ يا ليت كل الشعب اللبناني من الطبقة السياسية والتجار واصحاب المولدات والمصرفيين!
اذن إذا كنا نريد أسعار وفق اقتصاد حر نحتاج لقانون للمنافسة ومؤسسة تطبقه ولوزارة اقتصاد تتدخل حين يشطح التجار اسوة بكل دول العالم. واخيرا نحتاج لفصل السياسة عن التجارة ووضع قوانين تمنع التحول الحتمي للسياسي إلى تاجر.
اخيرا على المستهلك، خاصة الطبقة الوسطى ان تعي ان دورها ليس فقط الاستهلاك بل التحول إلى الاستهلاك الواعي الذي يضغط على التجار الذين يفرضون اسعارا تؤمن ارباحا خيالية. مثل صغير: يقبض اليوم المزارع 600 إلى 700 ليرة ثمنا لكيلو البندورة. ينص جدول الارباح الصادر عن وزارة التجارة على بيعه بحدود 800 إلى 900 ل ل يبيعه تاجر ب2000 ل ل واخر ب3000 ل ل. دور المستهلك الواعي ان يقاطع التاجر الذي يبيع بهذا الربح الخيالي. دعوا بضاعته تهترئ في ارضها ليتعلم. فتشوا عن تاجر يرضى بالربح القليل. هذا متعب بعض الشيء لكن لن نحصل على شيء بدون تعب. من الضروري التأثير على السوق عندما يكون اهل السياسة والتجارة حلفا واحدا.
مؤشر أسعار السلع والخدمات الاساسية للفصل الرابع 2015 يظهر ما يلي: بالرغم من تراجع أسعار النفط واليورو تستمر أسعار السلع الاساسية للعائلات في الارتفاع. الجدول التالي يظهر المعدل العام بما فيه انخفاض أسعار المحروقات اما السطر الاخير من الجدول فهو يظهر معدل ارتفاع الاسعار بدون احتساب انخفاض المحروقات ليعرف المستهلك الحجم الحقيقي لارتفاع الاسعار.
نوع الصنف | عدد السلع | مقارنة الفصل الرابع 2015 مع الفصل الثالث 2015 | مقارنة الفصل الرابع 2015 مع الفصل الرابع 2014 | ||
خضار | 15 | ارتفاع | 17.09 % | ارتفاع | 9.61 % |
فواكه | 12 | انخفاض | 2.41 % | ارتفاع | 1.71 % |
لحوم | 11 | ارتفاع | 0.24 % | انخفاض | 5.16 % |
البان واجبان | 21 | ارتفاع | 2.61 % | ارتفاع | 2.07 % |
مواد منزلية وشخصية | 20 | ارتفاع | 0.15 % | ارتفاع | 1.31 % |
معلبات وزيوت وحبوب | 43 | ارتفاع | 1.72 % | انخفاض | 2.46 % |
الخبز | 9 | – | – | – | – |
مشروبات غازية وعصير | 5 | – | – | – | – |
محروقات | 3 | انخفاض | 8.37 % | انخفاض | 26.89 % |
اتصالات | 4 | – | 0 % | – | 0 % |
مواصلات | 2 | – | – | – | – |
المجموع | 145 | ارتفاع | 1.37 % | انخفاض | 1.86 % |
المجموع بدون المحروقات | 145 | ارتفاع | 2.77 % | ارتفاع | 1.71 % |
بيروت 16 شباط 2016 عن جمعية المستهلك- لبنان
د. زهير برو
لا تعليق