لا حاجة لان نشرح للمواطنين مخاطر انتشار الزبالة في الشوارع وبين البيوت في هذا الطقس الحار والمشبع بالرطوبة ولا حاجة لنا لذكر انواع الامراض الكثيرة التي من الممكن ان تنتقل عبر تفاعل النفايات وتحللها وكيف تتسرب إلى الاماكن المسكونة والمياه الجوفية خاصة وان معظم بنايات المدن اللبنانية قد حفرت آبارا ارتوازية لتأمين حاجاتها من المياه. ولا حاجة لتأكيد المؤكد حول خطر تسرب التلوث إلى الطحين وكل انواع الغذاء. قد لا تصل الملاريا قريبا إلى البلاد وقد لا تنتشر الكوليرا او التيفوئيد فورا ولو ان التهاب الكبد الوبائي والجرب والديزنتريا هي امراض مقيمة في بعض المناطق اللبنانية او في مخيمات النزوح منذ زمن طويل.
ولا حاجة لنا لتذكير الحكومة بفشلها في ادارة ملف النفايات والماء والكهرباء والغذاء والاتصالات والمواصلات والتعليم و… كل هذا يعرفه اللبنانيون والسلطة السياسية. ولا حاجة لان نقول للبنانيين ان وضع الحكومة ميؤوس منه بفعل استفحال الصراع السياسي وان آليات صنع القرار من قبل الدولة قد تعطل بالكامل.
ما يجب ان نقوله للبنانيين ان كل هذا كان متوقعا وهو غير مفاجئ لأن طبيعة هذه السلطة السياسية لا يمكن الا ان تصل إلى الحائط المسدود. وما يجب تأكيده أيضا هو ان هذه السلطة السياسية هي صنيعة المجتمع اللبناني بتشوهاته واحقاده وكل ما تفعله الدول الاقليمية على تنوعها هو الاستثمار في هذا المجتمع لخدمة مصالحها.
وما نحتاجه هو طرح سؤال واحد على أنفسنا: ماذا سنفعل الان؟ ولنبدأ بالأكثر الحاحا أي وجود الزبالة في المدن وفي محيطها المباشر. الحلول المقترحة لم تتقدم خطوة واحدة منذ سنوات وقد اعتمدت الطمر كحل وحيد طيلة عقدين من الزمن. الطمر وصل إلى حدوده القصوى ومن الواضح ان قسم من اللبنانيين طفح به الكيل من تعريض بيئته المباشرة لهذا الحجم من التلوث والاخطار ولم يعد يرضى بأن يبقى ملجئ لشركة سوكلين بشركتها وسياسييها. الان ما يجري هو التفتيش عن رعايا اخرين يحملون العبء بضع سنوات جديدة. لكن ما تظهره تحركات بعض المناطق يظهر ان هؤلاء ليسوا على استعداد لتكرار تجربة الناعمة لأنهم رءوا لسنوات طويلة معاناة هؤلاء. البعض يقترح تسفير نفاياتنا إلى الخارج وهذه فكرة تتماشى مع استيراد الامن والكهرباء والغذاء والتعليم … والسياسة من الخارج وبالتالي لا تبدو الفكرة صادمة كثيرا لأكثرية اللبنانيين.
لا تعليق