طوابير الذل ليست حلا”.
منذ الايام الاولى للأزمة الاوكرانية حذرت جمعية المستهلك من انعكاساتها المضاعفة على اللبنانيين. لماذا؟ لأن لصوص البلاد ينتظرون دائما فرص عدم الاستقرار في الداخل او الخارج لتحقيق ارباح كبيرة. الاستقرار، ولو المؤقت، هو عدو اللصوص من سياسيين وتجار ومصارف. مثلا استقرار سعر الدولار المصطنع (الذي فبركه رياض سلامة لتأمين انتخابات السلطة) حد من هامش اخفاء حقيقة جنون الاسعار. التجار يفضلون الفوضى والمشاكل لأنها تنشر سحب الضباب التي تخفي عن الناس حقيقة ارباحهم. وراء الحرب في اوكرانيا ستختفي الكثير من الاحتكارات. انظروا السكر كيف ارتفع سعره بحوالي 50% ولا علاقة لأكرانيا او روسيا بالسكر.
ها هي طوابير الذل تنتشر مجددا أمام محطات المحروقات والافران وامام رفوف الزيت والحبوب لتخزينها من قبل الناس قبل ان تختفي في مستودعات التجار. مشهد حزين وذليل حيث لم يتعلم أحد من الماضي القريب شيئا. انهم نفس السياسيين ونفس التجار ونفس المواطنين الراكضين وراء الرغيف. السلطة لا تخطط لشيء وتنتظر الازمات لنقاشها وتفشل في وضع الحلول لها. شكلت خلية ازمة في اليوم العاشر من عمر الحرب الاكرانية بينما كان من المفترض تشكيلها قبل سنتين ونصف. يجتمعون، يناقشون ويعلوا الصراخ وتستفحل الصراعات. جعجعة بلا طحين. لا أمن غذائي ولا كهرباء ولا ماء ولا دواء وأسعار مجنونة والنهب ماشي ومليارديرين ومليونيرين ينبتون كالحشيش. منذ الانهيار ونحن ننتظر الاقتصاد المنتج والمنافسة والخدمات. احزاب الطوائف غير مهتمة بذلك. يتحدثون عن مشاريع كبيرة كهربائية ومصفاة نفط لكن تجار المحروقات وكبار المستوردين والمصارف هم من يحكمون البلاد. في هذا الوقت احزاب الطوائف تتهم بعضها البعض وتعلن عن فشلها وضعفها ولا أحد مسؤول. ما يحصل جريمة بحق اللبنانيين. هل نحن شعب عاقر لا يلد الا المسوخ؟ الجميع يقولون ان الاحتكار هو أبو الفساد والانهيار. حسنا ماذا فعلتم يا رؤساء ونواب ووزراء وقضاة لبنان؟ لا شيء. فقط اخرجتم من المجلس النيابي ارنبا جديدا سميتموه قانون المنافسة لن يغير من الاحتكارات شيئا. قانون مسخ يشرعن ويكرس الاحتكارات. لو كان لدينا سلطة عادلة لشكلت من اللحظات الاولى للانهيار لجنة طوارئ حقيقية تبدأ بتجاوز التجار المستوردين عبر استيراد كل سلعة اساسية (غذاء، دواء، محروقات) وتوزيعها على مراكز البيع مباشرة وبدون وسيط مع هامش ربح محدد. عندها ستتراجع أسعار المحتكرين تلقائيا. انه الحل الوحيد لكسر الاحتكارات خاصة وانه لا نية للسلطة في محاكمة المحتكرين او سجنهم كما يطالب البعض. لماذا؟ لان العديد من رجال السلطة وعائلاتهم هم تجار ومحتكرين.
البلاد تحتاج لحكم مركزي قوي من خارج القيد الطائفي كما ينص الدستور، يتجاوز احزاب الطوائف ويؤمن حقوق المواطنين وحاجاتهم الاساسية. لا يمكن للوضع ان يستمر على هذا المنوال إلى ما لا نهاية. اللبنانيون يحتاجون لسلطة فعالة ولحلول واضحة بعد افلاس سلطة الطوائف وفشلها، والا انضم 99% من اللبنانيين إلى الطوابير.
لا تعليق