اللبنانيون رهائن سلطة الطوائف
مشهد تهافت اللبنانيين على تخزين المواد الاستهلاكية خلال الايام الاخيرة مخزي ومذل. نجحت احزاب الطوائف بتحويلنا بشكل كامل إلى مجرد مستهلكين ولم يتبقى من المواطن الفاعل شيء. انه نفس المشهد الذي استسلم له اباؤنا طيلة الحرب الاهلية: نفس احزاب الطوائف تقريبا تدير السلطة وتسيطر على الاقتصاد والخدمات والتجارة والسلع والطرقات والمحروقات والماء والكهرباء والزبالة والدواء… والاباء اما شاركوا في الحرب او هربوا من غرفة إلى ملجئ او هاجروا.
نفس السلطة ترفض اليوم وضع الحلول المعروفة لحل ازمات البلاد التي لا تحصى، بدءا من الازمة المالية والاقتصادية مرورا بالأزمة السياسية والاجتماعية وهي تفتعل يوميا معارك وهمية للهروب من مسؤولياتها حيال الرعايا. ليس لأن الحلول مجهولة بل لأن سلطة الطوائف ومصالحها هي نقيض مصالح الناس. ليس لأن لبنان يفتقر للكفاءات البشرية بل لأن نظام الطوائف هو الفساد بعينه.
اللبنانيون كفروا بطوائفهم لكنهم ينتظرون الفرج منها او من دول حليفة لهذه الطائفة او تلك. كيف يمكن ذلك؟ لكن القليل منهم يريدون التخلص من نظام الطوائف ومن خطره القاتل. الجميع يعرف ان هذا النظام هو المسؤول عن كل مآسينا.
مشهد الايام الثلاثة الاخيرة لخّص حالة البلاد: خليط من اليأس من هذه النظام العاقر والكفر بزعاماته الفاسدة والعاجزة، الخوف من انهيار كبير محتمل لليرة، ممزوج بجشع التجار الذين رفعوا الاسعار بشكل جنوني وسط استسلام المستهلكين التام. انه مشهد مذل تهافت الناس والرفوف الفارغة وكل يدبر رأسه ولا شيء مشترك الا الفوضى وعدوى الكورونا التي اصبحت كالليرة بلا سقف تتوقف عنده.
كيف يمكن ان ننجح في التغلب على جائحة الكورونا بهذه الأدوات وهذه الحالة المزرية؟ لن ننجح لأننا تركنا الطوائف تأكل الدولة حتى لم يتبقى منها الاّ الاسم. فشلنا في بناء الدولة الحديثة منذ تأسيس الكيان قبل مائة عام. هل يمكن ان ننجح الان؟ نعم فقط إذا غيرنا النظام السياسي أي المنهجية المعتمدة حتى اليوم.
هل سنفعل ذلك؟ المقدمات تؤكد العكس.
لا تعليق